الوجودية بين الوهم والحقيقة. سلسلة المذاهب الفكرية الهدامة في الميزان ال...

الوجودية

                         

التعريف:

الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد, تسعى لابراز قيمة الوجود الفردي للانسان, فالوجود الحقيقي هو وجود الافراد, أما النوع فهو اسم لا وجود له.

نشأت الفلسفة الوجودية في المانيا وفرنسا وباقي دول اوربا عقب الحربين العالميتين, التين أحدثتا حالة من القلق والحزن والشك في الاخلاق, ووجود الاله والقيم الانسانية والمثالية, حيث دعت الى التحلل من القيم والاخلاق. والانطلاق لتحقيق الرغبة والشهوة بلا قيد, وللوجودية مدرستان واحدة مؤمنة والاخرى ملحدة وهي الاكثر تداولا, اذ يمكن القول ان الوجودية قائمة على الالحاد. ويقول المؤمنون منهم: أن الدين محله الضمير, أما الحياة بما فيها فتخضع لإرادة الشخص المطلقة.

يركز المذهب الوجودي اذن على وجود الانسان الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة في رأيه ولا يوجد شيء سابق عليها ولا بعدها, وتصف الانسان بأنه يستطيع ان يصنع ذاته وكيانه وارادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن ارادته, وعليه ان يختار القيم التي تنظم حياته.

ويعد الفيلسوف والكاتب الدانماركي سورين كيركجارد أبرز المشاهير الوجودية والادب الوجودي ومن فرنسا جون بول سارتر وغابريل مارسيل و البير كامو, بالاضافة الى الفليسوفان الالمانيان مارتن هايدغر وكارل غاسبرز وغيرهم.

التأسيس وابرز الشخصيات:

يرى رجال الفكر الغربي ان سورين كيركجارد المولود 1813م- 1855م هو المؤسس لمدرسة الوجودية الحديثة ومن مؤلفاته: رهبة واضطراب.

ودخل المذهب الوجودي مجال الادب على يد فلاسفة فرنسيين هم غابريل مارسيل المولود 1889م وقد اوجد ما اسماه الوجودية المسيحية, ثم جان بول سارتر الفيلسوف والاديب المولود 1905 م. ويعتبر من اشهر الوجوديين الملحدين والذي يقول : أن الله خرافة ضارة. وهو بهذا فاق الملحدين السابقين الذين يعتبرون الله خرافة نافعة-تعالى الله عما يقولون, ومن مؤلفاته: الوجودية مذهب انساني, الوجود والعدم, الغثيان, الذباب, الباب المغلق.

ومن الشخصيات البارزة في المذهب الوجودي كذلك سيمون دي بوفوار عشيقة سارتر, التي قضت حياتها كلها معه دون عقد زواج تطبيقا عمليا لمبادئ الوجودية التي تدعو الى التحرر والتحلل من كل القيود المتوارثة والقيم الاخلاقية.

باسكال بليز مفكر وفيلسوف فرنسي.

كارل غاسبرز وهو فيلسوف الماني .

وفي روسيا بيرد يائيف, شيسوف, سولوفييف.

الأفكار والمعتقدات:

الوجودية في مفهومها تمرد على الواقع التاريخي وحرب على التراث الضخم الذي خلفته الانسانية,و في مايلي ذكر لأهم افكارها ومعتقداتها:

الوجود اليقيني للانسان يكمن في تفكيره الذاتي, ولا يوجد شيء خارج عن هذا الوجود ولا سابقا عليه, وبالتالي لا يوجد اله ولا توجد مثل ولا قيم اخلاقية متوارثة لها صفة اليقين, ولكي يحقق الانسان وجوده بشكل حر فإن عليه ان يتخلص من كل الموروثات العقدية والاخلاقية.

يعتقدون أن الانسان أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدما وأن وجود الانسان سابق لماهيته.

يقولون بحرية الانسان المطلقة وأن له ان يُثبت وجوده كما يشاء وبأي وجه شاء دون أن يقيده شيء.

يقولون أن على الانسان ان يطرح الماضي وينكر كل القيود دينية كانت ام اجتماعية ام فلسفية ام منطقية.

لا يؤمنون بوجود قيم ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه ,إنما لكل انسان ان يفعل ما يريد وليس لأحد ان يفرض اخلاقا معينة على الاخرين.

أدى فكرهم الى شيوع الفوضى الخلقية والاباحية الجنسية و التحلل و الفساد نتيجة لنبذ القيم الاخلاقية والسلوكية.

كما نتج عن الحرية و الالتزام في الوجودية القلق والهجران و اليأس. وقد حاول سارتر معالجة اليأس بالعمل وجعل العمل غاية في ذاته لا  وسيلة لغرض اخر, وحسب الوجودي ان يعيش من اجل العمل وأن يجد جزاءه الكامل في العمل ذاته وفي لذة ذلك العمل.

ورغم كل ذلك وكل ما اعطوه للانسان فأن فكرهم يتسم بالإنطوائية الاجتماعية والانهزامية في مواجهة المشكلات المتنوعة.

الجذور الفكرية و العقائدية:

إن الوجودية جاءت كرد فعل لتسلط الكنيسة وتحكمها في الانسان الغربي بشكل متعسف باسم الدين.

تأثرت الوجودية بالعلمانية وغيرها من الحركات التي صاحبت النهضة الاوروبية ورفضت الدين والكنيسة.

وتأثرت كذلك بسقراط الذي وضع قاعدة: اعرف نفسك بنفسك.

تأثروا بالرواقيين الذين فرضوا سيادة النفس

كما تأثروا بالحركات التي دعت الى الالحاد والاباحية.

الانتشار ومواقع النفوذ:

ظهرت الوجودية في المانيا بعد الحرب العالمية الاولى ثم انتشرت في فرنسا وايطاليا وغيرها, وقد اتخذت من بشاعة الحروب وخطورتها على الانسان مبررا للانتشار السريع.

انتشرت افكارهم المنحرفة والمتحللة بين المراهقين والمراهقات في فرنسا والمانيا والسويد والنمسا و انجلترا وامريكا وغيرها, حيث ادت الى الفوضى الخلقية والاباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والاديان.

    ـــــ يتضخ اذن أن الوجودية اتجاه فلسفي  الحادي, وهو من اشهر المذاهب الادبية التي استقرت في الاداب الغربية في القرن العشرين. وترى ان الوجود الانساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة عند الوجودييين بحيث لا يوجد شيء سابق على الوجود الانساني كما انه لا يوجد شيء لاحق له, ولذا فإن هذف الانسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته, ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة.

فالوجودية لا تسلم بوجود الروح والقوى الغيبية وتقوم على اساس القوى العدمية و التعطيل, فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي لغير غاية. والحياة كلها سخف يورث الضجر والقلق ولذا يتخلص بعضهم منها بالانتحار.

ولاشك ان الاسلام يرفض الوجودية بجيمع اشكالها وتعتبرها تجسيدا للالحاد.